نظرة قانونية عميقة في أحوال إنهاء خدمة العامل بدون إنذار.. متى يكون الفصل مشروعًا ومتى يعتبر تعسفيًا في دولة الإمارات؟
لطالما كان هاجس فقدان الوظيفة دون سابق إنذار كابوسًا يلاحق العاملين، وهاجس ارتكاب الموظف لمخالفة جسيمة دون وجود رادع قانوني يؤرّق أصحاب الأعمال. في الإمارات، لا يترك المشرّع هذه العلاقة الحساسة بين طرفي العمل للاحتمالات، بل يضع لها إطارًا قانونيًا صلبًا يحكمها ويوازن بين حقوق وواجبات كليهما. لقد جاء المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021 بشأن تنظيم علاقات العمل، المعروف بـ"قانون العمل الإماراتي الجديد"، ليحدث نقلة نوعية في بيئة الأعمال، ليس فقط من خلال تنظيم عقود العمل، بل عبر وضع قواعد واضحة وصريحة لإنهاء علاقة العمل، سواء كان ذلك بإنذار أو بدون إنذار. يهدف هذا القانون، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزاري رقم (1) لسنة 2022، إلى ضمان كفاءة سوق العمل وجذبه لأفضل الكفاءات والمهارات المستقبلية، مع توفير بيئة عمل محفزة وجاذبة لأصحاب العمل على حد سواء.
الإطار التشريعي الحديث.. قواعد راسخة لعلاقات عمل مرنة
شهدت المنظومة التشريعية في دولة الإمارات تطورًا بارزًا في مجال تنظيم علاقات العمل، حيث انتهى العمل بالقانون الاتحادي رقم (8) لسنة 1980 ليحل محله المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021، والذي بدأ سريانه في الثاني من فبراير 2022.
لقد وضع القانون الجديد قاعدة أساسية لإنهاء علاقة العمل، وهي ضرورة تقديم إخطار مسبق. حيث نصت المادة (43) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021 على: > "يجوز لأي من طرفي عقد العمل إنهاء العقد لأي سبب مشروع، شريطة إنذار الطرف الآخر كتابةً، والالتزام بالعمل خلال مدة الإنذار المتفق عليها في العقد، على ألا تقل المدة عن (30) ثلاثين يوماً، ولا تزيد على (90) تسعين يوماً".
يُشير هذا النص إلى أن القاعدة العامة في إنهاء الخدمة هي الإنذار الخطي، الذي يجب أن يمتد لثلاثين يومًا كحد أدنى، وقد يصل إلى تسعين يومًا حسب الاتفاق بين الطرفين في عقد العمل. كما يوضح القانون أن العقد يستمر طوال فترة الإنذار، ويستحق العامل أجره كاملاً عن هذه المدة، ويجب عليه أن يواصل أداء عمله إذا طلب منه صاحب العمل ذلك.
بدل الإنذار"، حتى لو لم يترتب على عدم الإنذار أي ضرر للطرف الآخر. ويُحتسب هذا التعويض مساويًا لأجر العامل عن مدة الإنذار كاملة أو الجزء المتبقي منها، ويُحسب بناءً على آخر أجر كان يتقاضاه.
هذه الأحكام تعكس فلسفة المشرّع في حماية الاستقرار المهني، وتوفير فرصة للطرفين لتدارك آثار إنهاء العلاقة بشكل مفاجئ. فالقانون يضع ضوابط واضحة تضمن حقوق الطرفين، وتجعل من إنهاء الخدمة عملية منظمة ومسببة، لا تتم بشكل عشوائي أو اعتباطي. ومع ذلك، هناك حالات استثنائية يجيز فيها القانون الفصل الفوري دون الحاجة للإنذار، وهي الحالات التي تشكل إخلالًا جسيمًا بعلاقة العمل، والتي سنتناولها في المحور التالي.
أحوال الفصل الفوري.. متى يكون الفصل بدون إنذار إجراءً مشروعًا؟
على الرغم من أن القاعدة العامة في قانون العمل الإماراتي هي إنهاء العقد بإخطار مسبق، إلا أن المشرّع قد استثنى من هذه القاعدة حالات معينة، واعتبرها إخلالًا جسيمًا بعلاقة العمل، مما يمنح صاحب العمل الحق في فصل العامل فورًا دون الحاجة لتوجيه إنذار أو دفع بدل عنه. هذا الاستثناء ليس عشوائيًا، بل هو محدد بدقة وحصري في المادة (44) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021.
ومع ذلك، فإن هذا الحق لا يأتي مطلقًا، بل يقيّده المشرّع بشرط إجرائي بالغ الأهمية. ففي الحالات التي يجوز فيها فصل العامل دون إنذار، يُشترط "أن يتم الفصل بعد إجراء تحقيق خطي معه، ويكون قرار الفصل خطيًا، ومُسببًا ويُسلمه صاحب العمل أو من ينوب عنه إلى العامل".
الفصل التعسفي حتى لو كان السبب مشروعًا. بمعنى آخر، إذا ارتكب العامل مخالفة جسيمة تستدعي الفصل الفوري، وقام صاحب العمل بفصله دون إجراء تحقيق أو توجيه قرار كتابي، فإن الفصل يُعتبر تعسفيًا ويستحق العامل التعويض.
شرح تفصيلي لحالات الفصل الفوري بموجب المادة (44):
توضح المادة (44) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021 الأسباب الجسيمة التي تبرر الفصل الفوري، وهي:
انتحال الشخصية أو تزوير الوثائق:
"حيث نصت المادة (44) بند (1) من قانون تنظيم علاقات العمل على: "يجوز لصاحب العمل فصل العامل دون إنذار بعد إجراء تحقيق خطي معه، ويكون قرار الفصل كتابيًا ومُسببًا، ويسلمه صاحب العمل أو من ينوب عنه إلى العامل في الأحوال الآتية: إذا انتحل العامل شخصية أو جنسية أخرى، أو قدم شهادات أو وثائق مزورة.".
10 هذا الحكم يهدف إلى حماية علاقة العمل من أساسها، حيث تُعتبر الثقة المتبادلة شرطًا أساسيًا. فتقديم معلومات خاطئة أو مستندات مزورة يُعد إخلالًا جوهريًا بتلك الثقة، ويمنح صاحب العمل الحق في إنهاء العقد فورًا.
التغيب غير المبرر عن العمل:
"حيث نصت المادة (44) بند (7) من قانون تنظيم علاقات العمل على: "إذا تغيب العامل بدون سبب مشروع، أو عذر يقبله صاحب العمل أكثر من عشرين يوماً متقطعة خلال السنة الواحدة، أو أكثر من سبعة أيام متوالية.".
5 تعتبر هذه الحالة من أكثر الأسباب شيوعًا للفصل الفوري. المشرّع وضع حدودًا واضحة لغياب العامل، فإذا تجاوزها دون عذر مقبول، فإنه يُعد مُخلًا بالتزامه الأساسي وهو أداء العمل.
إفشاء الأسرار أو استغلال المنصب:
"حيث نصت المادة (44) بند (8) من قانون تنظيم علاقات العمل على: "إذا أفشى أيّ من أسرار المنشأة المتعلقة بالملكية الفكرية أو الصناعية أو التجارية مما يترتب عليه خسائر أو فوات ربح أو منفعة على صاحب العمل، أو إذا استغل مركزه الوظيفي بطريقة غير مشروعة للحصول على مكاسب أو أرباح شخصية.".
5 هذا النص يحمي المصالح الحيوية للمنشأة، سواء كانت أسرارًا تجارية أو ملكية فكرية. كما يمنع استغلال الموظف لسلطته أو نفوذه لتحقيق مكاسب شخصية على حساب صاحب العمل.
الاعتداء الجسدي أو اللفظي:
"حيث نصت المادة (44) بند (5) من قانون تنظيم علاقات العمل على: "إذا اعتدى العامل على صاحب العمل أو المدير المسؤول أو أحد رؤسائه أو زملائه في العمل أو أيّ من العملاء أثناء العمل أو بسببه.".
11 يُعتبر الاعتداء من الأفعال التي لا يمكن التسامح معها في بيئة العمل، والقانون يمنح الحق لصاحب العمل في اتخاذ قرار فوري بحماية بيئة العمل من أي سلوك عنيف أو غير لائق.
التقصير الجسيم في أداء الواجبات:
"حيث نصت المادة (44) بند (4) من قانون تنظيم علاقات العمل على: "إذا تعمد العامل ارتكاب أي فعل أو تقصير يقصد منه إلحاق ضرر جسيم بأموال صاحب العمل أو مصالحه، بشرط أن يبلغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال (7) سبعة أيام عمل من وقت علمه بوقوع ذلك.".
11 هذه المادة تمنح صاحب العمل حق الفصل الفوري في حال ثبوت تعمد العامل إلحاق الضرر. ولكنها تفرض عليه شرطًا إجرائيًا مهمًا، وهو سرعة إبلاغ الجهات المختصة خلال سبعة أيام عمل، مما يضمن جدية الادعاء.11
الفصل التعسفي.. متى يكون الإنهاء غير مشروع؟
في مقابل حالات الفصل المشروع، يضع قانون العمل الإماراتي تعريفًا واضحًا للفصل التعسفي، ويُعرفه بأنه إنهاء خدمة العامل من قبل صاحب العمل دون سبب مشروع، أو ردًا على ممارسة العامل لحق قانوني مشروع. هذا التعريف يعطي العامل حماية قوية من أي قرار فصل غير مبرر أو انتقامي.
أمثلة على حالات الفصل التعسفي:
هناك عدة سيناريوهات يُعد فيها الفصل تعسفيًا، منها:
الفصل الانتقامي: إذا قام صاحب العمل بفصل العامل بسبب تقديمه شكوى جدية إلى وزارة الموارد البشرية والتوطين، أو رفعه دعوى عمالية ضد صاحب العمل، وثبتت صحة هذه الشكوى أو الدعوى. هنا يُعد الفصل انتقامًا لممارسة العامل لحق قانوني مشروع، وهو ما يحظره القانون صراحةً.
5 الفصل أثناء الإجازات: فصل العامل أثناء فترة الحمل أو الإجازة المرضية المستحقة.
9 الفصل غير المبرر: إنهاء خدمة العامل دون أي سبب قانوني أو حتى دون اتباع الإجراءات القانونية المطلوبة للفصل.
10 الإكراه على الاستقالة: إذا تعرض العامل لضغط من صاحب العمل بهدف إجباره على تقديم استقالته، مثل تخفيض راتبه أو تقليص صلاحياته، فإن هذا يُعد فصلًا تعسفيًا.
9
حقوق العامل المفصول تعسفيًا:
في حال ثبت أن الفصل كان تعسفيًا، فإن قانون العمل الإماراتي يكفل للعامل مجموعة من الحقوق والتعويضات لضمان حصوله على ما يستحق. وتشمل هذه الحقوق:
تعويض الفصل التعسفي: يحق للعامل الحصول على تعويض مالي تحدده المحكمة المختصة، مع مراعاة نوع العمل، ومقدار الضرر الذي لحق به، ومدة خدمته. ولكن، يُشترط ألا يزيد هذا التعويض في جميع الأحوال على أجر العامل لمدة ثلاثة أشهر، يُحسب على أساس آخر أجر كان يتقاضاه.
5 بدل الإنذار: إذا لم يلتزم صاحب العمل بفترة الإنذار القانونية أو المتفق عليها في العقد، فإن العامل يستحق تعويضًا يعادل أجره عن مدة الإنذار كاملة أو الجزء المتبقي منها.
5 مكافأة نهاية الخدمة: يستحق العامل مكافأة نهاية الخدمة وفقًا للقانون، والتي تُحسب على أساس أجر 21 يومًا عن كل سنة من سنوات الخدمة الخمس الأولى، وأجر 30 يومًا عن كل سنة تزيد على ذلك.
9 بدل الإجازات غير المستخدمة: يحق للعامل الحصول على بدل نقدي عن رصيد إجازاته السنوية المستحقة التي لم يستفد منها حتى تاريخ إنهاء الخدمة.
2
الدفوع القانونية.. الاستراتيجيات القضائية في مواجهة الفصل التعسفي
عندما يتم رفع دعوى قضائية بشأن فصل تعسفي، فإن المعركة القانونية لا تدور فقط حول الأفعال التي ارتكبت، بل حول الإجراءات والوثائق التي تثبت مشروعية الفصل أو عدمها. هنا، يلجأ كل من العامل وصاحب العمل إلى استراتيجيات قانونية معينة لتعزيز موقفه.
دفوع صاحب العمل: من الاتهام إلى التبرير
في حال ادعى العامل أن فصله كان تعسفيًا، فإن مهمة صاحب العمل الأساسية تتمثل في إثبات أن الفصل كان مشروعًا واستند إلى سبب قانوني صحيح. هذا الدفع ليس مجرد إنكار، بل هو بناء دفاع يرتكز على المادة (44) من قانون العمل. وتتمثل أبرز دفوع صاحب العمل في:
الدفع بوجود سبب مشروع: يثبت صاحب العمل أن العامل ارتكب إحدى المخالفات الجسيمة المذكورة في المادة (44)، مثل التغيب غير المبرر لأكثر من سبعة أيام متوالية أو عشرين يومًا متقطعة، أو إفشائه لأسرار الشركة.
5 الدفع بسلامة الإجراءات: يقدّم صاحب العمل محاضر التحقيق الكتابي مع العامل، وصورة من قرار الفصل المكتوب والمُسبب الذي تم تسليمه له، مما يثبت أنه اتبع الإجراءات القانونية الصحيحة.
5 الدفع بعدم استحقاق العامل للمطالب: إذا كان العامل قد استقال دون الالتزام بمدة الإنذار، يمكن لصاحب العمل أن يطالب المحكمة برفض دعوى العامل.
12
دفوع العامل: من الضحية إلى المطالب بالحق
من جهة أخرى، يسعى العامل المفصول إلى نفي مشروعية الفصل، وإثبات أن القرار كان تعسفيًا. وتتمثل أهم دفوع العامل في:
الدفع بانعدام السبب: يثبت العامل أن السبب الذي استند إليه صاحب العمل في فصله لم يكن صحيحًا، أو أن الفعل المنسوب إليه لم يحدث.
13 الدفع بعدم مشروعية السبب: إذا كان الفصل انتقاميًا، يثبت العامل أن الفصل جاء ردًا على ممارسته لحق قانوني، كتقديم شكوى للوزارة أو رفع دعوى قضائية سابقة.
10 الدفع ببطلان الإجراءات: حتى لو كان السبب المادي قد حدث، يمكن للعامل أن يدفع ببطلان الإجراءات المتخذة من قبل صاحب العمل، كأن يثبت أنه لم يجر تحقيقًا كتابيًا، أو لم يُسلّمه قرار الفصل، مما يجعل الفصل تعسفيًا حتى وإن كان السبب مشروعًا.
8
الوثائق والأدلة: سلاح الطرفين
لتعزيز أي من هذه الدفوع، يعتمد الطرفان على مجموعة من الوثائق والأدلة، أبرزها: نسخة من عقد العمل، إشعارات الفصل أو الإنذارات، المراسلات الإلكترونية أو الرسائل النصية التي قد تثبت الضغط أو الإكراه، وكشوف الرواتب، بالإضافة إلى شهادات الشهود من زملاء العمل السابقين أو المديرين.
جزء عملي: مذكرة دفاع نموذجية في قضية فصل تعسفي
الواقعة الافتراضية
السيد/ خالد، مهندس برمجيات، عمل في شركة "المستقبل التقني" لمدة ثلاث سنوات. خلال فترة عمله، قام بتحديث ملفات برمجية حساسة للشركة على خادم سحابي خارجي (غير تابع للشركة) ليتسنى له العمل عليها من المنزل بكفاءة. اكتشفت الشركة هذا الأمر واعتبرته إفشاءً لأسرار المنشأة، وقامت بفصله فوريًا دون إنذار. شعر خالد بالظلم ورفع دعوى أمام المحكمة العمالية مدعيًا الفصل التعسفي. في المقابل، قررت شركة "المستقبل التقني" تقديم مذكرة دفاع لدحض ادعاءاته.
صياغة المذكرة القانونية
إلى مقام المحكمة العمالية الموقر في دبي
مذكرة دفاع جوابية في الدعوى العمالية رقم (..)
المقدمة من: الجهة المدعى عليها: شركة المستقبل التقني.
الوقائع:
بموجب عقد عمل مبرم بين الطرفين، باشر المدعي عمله كمهندس برمجيات لدى موكلتي بتاريخ (..).
تفاجأت موكلتي مؤخرًا بقيام المدعي بنقل ملفات برمجية حساسة، تحتوي على أكواد الملكية الفكرية الخاصة بالشركة، ووضعها على خادم سحابي خارجي لا يخضع لرقابة الشركة أو أنظمتها الأمنية.
قامت موكلتي فور اكتشافها للواقعة بإجراء تحقيق كتابي مع المدعي، حيث أقرّ أنه قام بهذا الفعل بغرض تسهيل عمله، إلا أنه لم يكن لديه إذن صريح من موكلتي بذلك.
وبناءً على هذه المخالفة الجسيمة، قامت موكلتي بفصل المدعي، التزامًا منها بالحفاظ على مصالحها التجارية وأسرارها المهنية، كما نصت عليه أحكام القانون.
الدفع القانوني:
إننا ندفع في هذه الدعوى بانتفاء صفة "التعسف" عن قرار موكلتي، وأن قرار الفصل كان قرارًا مشروعًا وقانونيًا، استند في أساسه إلى مخالفة جسيمة ارتكبها المدعي، وهي إفشاء أسرار الشركة دون إذن أو مسوغ قانوني.
"حيث نصت المادة (44) بند (8) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021 بشأن تنظيم علاقات العمل على أنه: "يجوز لصاحب العمل فصل العامل دون إنذار في الأحوال الآتية... إذا أفشى أيّ من أسرار المنشأة المتعلقة بالملكية الفكرية أو الصناعية أو التجارية مما يترتب عليه خسائر أو فوات ربح أو منفعة على صاحب العمل...".
11
وفقًا للنص القانوني، فإن فعل المدعي بنقل ملفات الشركة الحساسة إلى خادم خارجي يُعد إفشاءً لأسرار الشركة، حتى وإن لم يكن قاصدًا إلحاق الضرر. هذا الفعل يُعتبر إخلالًا جوهريًا بواجب الثقة والأمانة الملقى على عاتق العامل، وبموجبه يمنح القانون صاحب العمل الحق في الفصل الفوري.
الطلبات:
بناءً على ما تقدم، نلتمس من مقام المحكمة الموقر:
قبول هذه المذكرة.
رفض الدعوى المقدمة من المدعي، وإلزام المدعي بالمصاريف القضائية وأتعاب المحاماة.
الرأي القانوني:
إن قرار فصل المدعي كان مشروعًا ومسببًا، ويستند إلى نص صريح من قانون العمل الإماراتي الذي يحمي أسرار ومصالح المنشآت. فالقانون لا يترك لتقدير العامل مدى حساسية الأسرار التي يتعامل معها، بل يضع المسؤولية المدنية الكاملة على عاتقه. لذلك، نرى أن الفصل كان مبررًا ولا يُعتبر تعسفيًا بأي حال من الأحوال.
الخلاصة النهائية للمقال
إن العلاقة بين العامل وصاحب العمل هي علاقة حقوق وواجبات متبادلة، والقانون الإماراتي يحرص على تحقيق التوازن بينهما. لقد وضع المشرّع الإماراتي في المرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2021 إطارًا قانونيًا متكاملًا ومرنًا ينظم كافة جوانب هذه العلاقة، من بدءها وحتى انتهائها. لقد تم التأكيد على أن القاعدة العامة في إنهاء الخدمة هي الإنهاء بإنذار، إلا أنه تم وضع استثناءات حصرية في حالات الفصل الفوري المبرر، والتي تعتبر إخلالًا جسيمًا من العامل. وفي المقابل، تم حماية العامل من الفصل التعسفي، ومنحه سبلًا قانونية للحصول على حقوقه كاملة في حال ثبوت عدم مشروعية الفصل.
إن فهم هذه الأحكام ليس ضروريًا للمحامين والقضاة فحسب، بل هو أساسي لكل من العامل وصاحب العمل لضمان حقوقه وتجنب الوقوع في المنازعات القانونية. ولذلك، فإننا ننصح دائمًا بضرورة الاستعانة بمستشار قانوني متخصص لضمان الامتثال للقوانين واتباع الإجراءات الصحيحة، مما يعزز الاستقرار المهني ويحقق العدالة للجميع.